رقم المذكرة:06

الحصة: درس نظري.

الإشكالية الثانية: في الأخلاق النسبية و الموضوعية.

المشكلة الأولى: في الأخلاق بين النسبي و المطلق.

الشعبة: 03آداب وفلسفة

التقويم: شفوي، كتابي، مرحلي، ختامي، ذاتي.
المراجع: كتاب إشكاليات فلسفية، معاجم فلسفية و تراجم للفلاسفة، وثائق مكتوبة و صور ذات صلة بالدرس.

الكفاءة المستهدفة: المعالجة العقلانية للقضايا الفلسفية و حلها.


الـجــانـب المنهجيالــــمضــــــاميـــــــــــــن الــمـعــرفـــــية
 
المجال الإشكالي:

المجال التساؤلي للإشكالية الثانية:

ـ هل الأخلاق مبادئ أو معاملات؟فإذا كانت مبادئ ،فهي إذن قواعد ثابتة و أما إذا كانت مجرد معاملات ،فإنها لا تعدو أن تكون سلوكات تختلف باختلاف الحضارات و الشعوب و بتغير الأسر و الأشخاص،و مهما كان المستوى الذي نتحدث فيه،فإننا نتساءل عما هو الأساس المناسب الذي نقيم عليه الأخلاق:فهل هو أساس مطلق يتحدى الزمان و المكان و تقبلات الأيام ،أو هو أساس يسير مع تحولات الحياة الاجتماعية و العالمية؟فكيف نحصن ثوابتنا الأخلاقية أمام عالم لا يتوقف عن التغيرات؟ففي أي موقع نضع مثلا،حقوقنا وواجباتنا و ما يترتب عنها من فضيلة العدل؟و هل مسايرتنا للعالم في الاقتصاد الحر و حرية الكلمة كفيلة بضمان كرامتنا و صيانة شخصيتنا ووضوح مصيرنا؟

المجال التساؤلي للمشكلة الأولى:

ـ هل يكفي القول بأن الأخلاق في جوهرها واحدة،و في واقعها المادي متعددة،كفيل بتحديد طبيعتها؟و بالتالي ،على أي أساس نقيم القيم الخلقية؟

الأسئلة التشخيصية لبداية الدرس.

ـ الحاسوب وتقنيات الانترنيت أليس

يقدم منفعة للأفراد ؟

لكن أليس نجد فيه الكثير من مواقع

تمس بقيم الدين وثوابته؟ لكن ألا يمثل ضرورة اجتماعية ؟ألا يشكل خطرا على الشباب؟

ـ سلوك الإنسان و أفعاله متنوعة ،بعضها

أفعال العادة و بعضها أفعال الإرادة قصد

التكيف مع العالم الخارجي،لكن الإنسان لا يقف عند هذا الفهم للسلوك بل الارتقاء إلى مستوى الحكم عليه بأحكام قيمية مختلفة.

كأن يحكم على المال أنه ذو قيمة اقتصادية و على الصدق و المساواة أنها قيم اجتماعية أخلاقية و منه إسناد الأفعال الأخلاقية إلى القيم و عليه:

ـ ما هي القيمة ؟ما هي دلالتها ؟

أسئلة

المؤشر

أجاب عن السؤال
X

أغلبية التلاميذ

البعض

قلة منهم

ـ ومنه نفهم أن الأخلاق أو فلسفة الأخلاق هي جزء من فلسفة القيم ، فما هو مفهوم الأخلاق و القيمة و خلقية؟

الخير:اسم تفضيل لأنه أفضل من غيره و الشر عكسه

الحكم الأخلاقي :تقدير و تقييم الفعل أي منح له قيمة دنيا أو عليا سلبية أم إيجابية :

(إنقاذ طفل من الغرق،خطفه،التدين و عدم رد الدين،الغش في الامتحان)

هل يمكن القول أن الأخلاق واحدة لمجرد قيامها على المبادئ والثوابت؟

ما المقصود بالدين ؟

ـ يتضمن الدين جملة مبادئ وثوابت ممثلة في أوامر ونواه ومن خلالها يتحدد معنى الخير قصد إتباعه،ومعنى الشر قصد اجتنابه.

Religion

هل الأفعال الأخلاقية خيرة لأن الله أمر بها أم أن الله أمر بها لأنها خيرة في ذاتها؟

ما هي فرقة المعتزلة؟

كيف تنظر المعتزلة إلى الأخلاق ؟

ما هي فرقة الأشاعرة؟

كيف تنظر الأشاعرة إلى الأخلاق؟

كيف نظر الاتجاه العقلي إلى القيمة

الأخلاقية ؟

– سقراط:أساس الخير هو

المعرفة،وأساسا الشر هو الجهل،والأخلاق علم يمكن تعلمه.

أفلاطون Platon)(428-347 ق م) من أعظم فلاسفة اليونان مؤسس المثالية

الكلاسيكية من أهم آثاره كتاب الجمهورية

– أرسطو:يقول:الفضيلة وسط بين رذيلتين وسبيل إدراك هذا الوسط هو العقل.

– إيمان ويل كانط(1724-1804 )

فيلسوف ألماني مؤسس النزعة النقدية من مؤلفاته،نقد العقل الخالص ونقد العقل

العملي وتأسسي ميتافيزيقا الأخلاق.

– وتلتقي الزاهدة
رابعة العدوية مع كانط
في فكرة الواجب المنزه الخالص المنزه عن المنافع من منطلق أنها أحبت الله حبا خالصا نقيا لا تكدره الشوائب والمنافع حينما تقول:” اللهم إني أحبك لأني أحبك، إن كنت أحبك خوفا من نارك فأحرقني بها،و إن كنت أحبك طمعا في جنتك فاحرمني منها، اللهم إني احبك لأني احبك.”

ما هي القواعد التي يقوم عليها الواجب عند كانط؟

بماذا تصف أخلاق كانط؟

ما هو النقد الذي نوجهه للأخلاق التي أسسها كانط؟

ما ذا تستنتج من خلال ما درسته عن الأخلاق المطلقة؟

الموضوع :تعدد القيم الأخلاقية و تغيرها.

عرض و ضعية مشكلة

ألا يمكن الاعتقاد بأن الأخلاق متعددة بتعدد مشاربها ومتغيرة بتغير المكان والزمان؟

ـ هل يمكن أن يكون مبدأ اللذة معيارا تقوم عليه القيمة الخلقية؟

اللذة:كيفية نفسية أولية لا تعرف إلا بنسبتها إلي شروطها و أسبابها سواء أكانت نفسية أو جسمية

– أرستيب القورينائي:(435-355ق.م)تلميذ سقراط

لكنه خالف أرستيبوس حينما قام بتقسيم اللذات إلى حسية وعقلية،واعتبر أن اللذات العقلية أسمى من الحسية

هل توافق على أخلاق اللذة؟

هل من مبدأ يقيم الأخلاق على أساس المصلحة الجماعية؟

ما هو موقف بنتام؟

و ما هو موقف جون ستوارت مل؟

هل أنت مع أنصار مذهب المنفعة؟

نجدمن الاتجاهات الحديثة التي تؤسس لنسبية القيم “الوجوديون” و على رأسهم سارتر فيم يتمثل موقفه ؟

حجر الزاوية في أطروحة سارتر هي حرية الإنسان وضرورة ممارستها بعيدا عن أي إكراه اجتماعي أو ديني، منه يتطرق حق الإنسان الطبيعي في اختيار ما يراه خير وشر على حسب إرادته.

لكن أليس من الموضوعية اعتبار الأخلاق ثابتة في مبادئها ومتغير في تطبيقاتها في آن واحد؟

إذا كنت في حرب و طلب منك العدو أن تخبره مكان المجاهدين ماذا تفعل؟

كنت أنت و غيرك على شاطئ البحر أنت لا تجيد السباحة و غيرك ماهر في السباحة ورأيت طفل يغرق،أنت تساعده عن طريق الاتصال بالحماية و غيرك عن طريق انقاذه.

فكيف السبيل لجل هذا التعارض و هل من توفيق بين الثوابت و المتغيرات؟

ما هي الخلاصة التي تصل إليها؟
المكتسبات القبلية المفترضة:

– كفاءات وقدرات لغوية للتعبير والتواصل، والكتابة.

– كفاءات معرفية تاريخية مرتبطة بالحضارة اليونانية القديمة، والحضارة الإسلامية الوسيطة، والحضارة الغربية الحديثة والمعاصرة.

– معارف علمية وتاريخية سابقة.

– التمكن من الكفاءات الفلسفية المكتسبة من دراسة المشكلات الفلسفية المقررة السابقة الإشكالية الأولى”الإحساس و الإدراك اللغة و الفكر،الشعور و اللاشعور والذاكرة و الخيالـ ،العادة و الإرادة”.

مقدمة “طرح المشكلة”


ـ لو ألقينا نظرة على تاريخ البشرية لوجدنا أن موضوع الأخلاق أخذ اهتماما عظيما من قبل العلماء والفلاسفة على اختلاف دياناتهم وانتماءاتهم المذهبية،ذلك أن طبيعة حياة البشر تفرض على الإنسان القيام بجملة من السلوكيات في تعامله مع غيره،هذه السلوكيات منها ما هو مستحسن ومنها ما هو مستهجن،لكن على أي أساس نقول أن هذا الفعل حسن يمثل الخير،وذلك قبيح يمثل الشر؟ بمعنى آخر:

ـ ما هو أساس القيمة الأخلاقية؟هل يمكن أن تستند على قواعد ثابتة ومطلقة؟ لكننا نحيا في عالم متغير يتغير بوتيرة سريعة جدا،وبالتالي: ألا يمكن أن تقوم الأخلاق على قواعد نسبية ومتغيرة؟بمعنى آخر:هل مصدر الأخلاق: الدين ؟ العقل؟ المجتمع؟ المنفعة؟

محاولة حل المشكلة:

مدخل :

ـ مفهوم القيمة و دلالتها:

مفهوم القيمة:

قيمة الشيء بمعنى قدره و ثمنه
اصطلاحا:

ـ قيمة الشيء هي الصفة التي تجعل ذلك الشيء مطلوبا و مرغوبا فيه يعرفها جميل صليبا في معجمه”كل ما هو جدير باهتمام المرء و عنايته ،لاعتبارات اقتصادية أو نفسية أو اجتماعية أو أخلاقية أو إجمالية”

ـ و عليه يمكن القول أنه لا توجد قيمة واحدة بل عدة قيم صنفها الفلاسفة تحت أجناس :

01 ـ القيم المنطقية: الصدق و الكذب.

02 ـ القيم الجمالية: الحسن و القبيح

03 ـ القيم الأخلاقية: الخير و الشر

ـ و هذه الأقسام الثلاثة(العلوم المعيارية) هي حقل عمل فلسفة القيم(فلسفة الحياة) أو نظرية القيم و هي مبحث أساسي في الفلسفة يقوم على دراسة “المنطق ، علم الجمال ،و علم الأخلاق”

مفهوم الأخلاق:

لغة :

ـ جمع خلق و هو العادة و السجية

اصطلاحا:

ـ هي مجموع قواعد السلوك التي تحدد ما يجب أن يكون(و ليس ما هو كائن)

عليه هذا السلوك ،و على أساسها يكون مقبولا أو مرفوضا.

فالأخلاق مبادئ عملية تتضمن معنى الخير و الشر ،و التعريف بالفضائل لتزكية النفس بها ،والتعريف بالرذائل لتتنزه عنها.

ـ و يسمى العلم الذي يبحث فيها: علم الأخلاق،فلسفة الأخلاق،الحكمة العملية

طبيعة القيمة الخلقية:

I/-هل يمكن القول أن الأخلاق واحدة لمجرد قيامها على المبادئ والثوابت؟

أولا:وحدة الأخلاق في قدسيتها:

ـ الدين إلزام متعال ،إلهي ومقدس،و هو بمفهومه العام: هو الاعتقاد العاطفي بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة،و يدفع هذا الاعتقاد إلى أداء واجبات تجاه هذا المبدأ(الله.

ـ ومنه يمكن القول أن الأخلاق جزء جوهري من الدين لأنه يشكل بعدا أخلاقيا و الصلة بينهما وثيقة جدا،ذلك أننا نتعلم القيم الأخلاقية و نمارسها منذ الطفولة من خلال الدين،ففي الكتب السماوية و في القرآن بصفة خاصة تعاليم أخلاقية جوهرية واضحة كقوله تعالى”ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون”

ـ و في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك قيم أخلاقية عالية و في سلوكه قدوة حسنة ،وقد صوره القرآن نموذجا أخلاقيا عظيما في قوله تعالى”و إنك لعلى خلق عظيم”(القلم الآية 04) في قوله (ص) “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”،رواه مسلم

ـ و يمكن تلخيص النظرية الدينية في أنها تقوم على أن كل ما أمر به الله و أراده يجب الامتثال به و كل ما نهى عنه وجب اجتنابه، فمعيار الأخلاق مطابقة أفعالنا للإرادة الإلهية أمرا و نهي.

ـ و في الفلسفة الإسلامية نجد اختلاف علماء الكلام حول القيم الأخلاقية:

أ ـ المعتزلة:

ـ فرقة كلامية إسلامية أسسها واصل بن عطاء، تؤمـن بالأصول الخمسة،وتزاوج بين الإيمان والعقل لفهم العقائد و الغيبيات،تمجد العقل وضرورة التأويل العقلي للنصوص العقلية.

ـ تنطلق هذه الفرقة من حقيقة أن الدين هو مصدر القيم الأخلاقية ،وقد جاء مخبرا عنها في صورة أوامر و نواهي عامة ،تبعا لما في تلك الأفعال من جسن و قبح ذاتيين،و العقل هو الذي يدرك ما فيها من حسن و قبح ،و يفرق بين الخير و الشر ليتحمل مسؤوليته فيما بعد أمام الله عزوجل ثوابا أو عقابا.

ـ فالمعتزلة يعتبرون أن الفعل خير أو شر في ذاته،و بإمكان العقل أن يدرك أن الحسن محمود،و أن القبح مذموم و ما الشرع إلا مخبر عما يدركه هذا العقل.

ـ الدين في نظرهم مخبر عما في العقل،والفعل يحمل صفات الخير والشر في ذاته،ونتعرف على هذا الخير أو ذاك الشر عن طريق العقل،وما الشرع إلا مخبر عما يدركه العقل.

مناقشة:

ـ لقد بالغت فرقة المعتزلة في رفع شأن العقل و جعلته منزه عن الخطأ في حين أن الواقع أثبت لأن العقل كثيرا ما يخطأ و يكون عرضة للزلل.

ـ ب ـ الأشاعرة:
ـ فرقة كلامية إسلامية أسسها أبو الحسن الأشعري المنشق عن المعتزلة،محاولا الحد من غلوها،وداعيا إلى الاعتدال في فهم مقاصد العقيدة والحذر من التأويل العقلي.

ـ تنطلق هذه الفرقة من حقيقة أن الدين هو مصدر القيم الأخلاقية، لكنها تعترض على رأي المعتزلة و تؤكد أن العقل قاصر،و لا يملك القدرة على إدراك ما في الأفعال من حسن أو قبح ،لذلك فالشرع هو الأساس الوحيد للقيمة الأخلاقية ،فالحسن ما حسنه الله و أمر به،و القبح ما قبحه الشرع و نهى عنه،فالشرع هو مصدر القيم الأخلاقية و مثبت ما فيها من خير و شر لأنه صادر عن إرادة الله الكاملة علما و حكمة،و المنزه عن صفات النقصان.

ـ ليس الخير خيرا لذاته ولا الشر شرا لذاته،و العقل قاصر عن التمييز بين الخير والشر،فالخير هو ما أمر به الشرع،والشر ما نهى عنه،والدين مثبت لحكم العقل.

مناقشة:

لقد أهملت الأشاعرة دور العقل فكيف يستطيع الإنسان التمييز بين الخير و الشر لو لم يكن عاقل كما أن الشرع دعى غلى التدبر و الاجتهاد العقلي في آياته و نصوصه

ـ و عليه يمكن القول أن الدين و قدسيته المستمدة من الله مصدر الكمال قد يؤسس لمثل عليا و أخلاق واحدة للإنسانية وفق قيم الخير و الفضيلة و النهي عن الشر و الرذيلة.

مناقشة للنظرية الدينية:

ـ لكن ألا يمكن للأخلاق أن تقوم مستقلة عن الدين و لا تحتاج إلى أوامر إلهية لأنه يمكن أن يكون الإنسان ليس له دين و لكن له أخلاق كما يمكن للمتدين أن يكون غير أخلاقي.

فهل هذا يعني أن القيم الأخلاقية قد يكون لها مرجع آخر يوحدها؟

ثانيا:الأخلاق ومطلقيه العقل:

ـ إن القيم الأخلاقية قد توحدها مرجعية العقل كأساس للحكم و التمييز بين الأشياء فقيمة الإنسان في عقله لذلك كان أعدل قسمة بين الناس كماهية ثابتة لا تتأثر بالزمان”العقل أهم ما يميز الإنسان و يرفعه فوق عالم الحيوان”.

– موقف أفلاطون:

ـ من أهم الفلسفات التي نادت بضرورة تأسيس الأخلاق على مطلقيه العقل هي الفلسفة الأفلاطونية إذ يعتقد أفلاطون بوجود عالمين العالم الحسي “الواقعي”الذي نعيش فيه و ما هو إلا ظلال و انعكاس لعالم المثل و هو عالم الحقيقة و العالم الأصلي في نظر أفلاطون.

ـ فالعدل المطلق ،و الجمال المطلق ،و الخير الأسمى معايير ثابتة توجد في عالم المثل،و لا يصل الإنسان إليها بحواسه لان الحواس تعرفه بالواقع ،أما عالم المثل و ما فيه من معايير فهي تحملها روحه لذلك لا يصل إليها إلا بواسطة وظيفة التذكر و الجدل في حالة صعوده،و الخير هو القيمة العليا أو قيمة القيم التي نبحث عنها يقول:”إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة.”

ـ ومنه يقسم أفلاطون أفعال الناس إلى ثلاثة أقسام :

القوة العاقلة،الغضبية،الشهوانية،و أكمل صورها العقل لأنه المدرك للعفة و الفضائل و أن قوى النفس الثلاثة،تديرها ثلاثة فضائل الحكمة،الشجاعة ،العفة،و الحكمة رأس الفضائل كلها لأنها تحد من طغيان الشهوة و الغضب معا،و إذا انقادت الشهوانية و الغضبية للعقل تحقق التناسب و التناسق في النفس و هي الحالة التي يسميها أفلاطون بالعدالة.

ـ و عليه الأخلاق مصدرها عالم المثل،فهي مطلقة ومتعالية و الفضيلة تتحقق إذا أخضع الإنسان انفعالاته وعواطفه إلى العقل.

مناقشة:

إن الأخلاق التي ناد بها أفلاطون أخلاق مثالية بعيدة عن الواقع كذلك لا يوجد إثبات علمي على صحة فرضية نظرية المثل لأنها منفصلة عن الواقع.

ـ موقف كانط:

ـ نجد مؤسس الفلسفة النقدية يعتبر أن العقل هو مصدر القيم الأخلاقية

و القواعد لا التجربة،لأنه يحكم على الفعل الخلقي في ذاته فهو نابع من صميم نيتنا و إرادتنا الخالصة دون قيد و لا شرط و لا غاية.

أي أن القيمة الأخلاقية تكمن في مبدأ الفعل لا في نتاجه،فالفعل يكون خيرا لأنه خير في ذاته،و يكون شرا لأنه شر في ذاته،ومعرفة هذا الخير أو ذاك الشر يتم بالعقل،فالصدق مثلا يمثل الخير لأنه يحمل هذه الصفة في ذاته،ويستحيل أن يكون هذا الفعل شرا مهما كان الموقف،والكذب يمثل الشر لأنه يحمل هذه الصفة في ذاته،ويستحيل أن يكون هذا الفعل خيرا في أي موقف كان،فصفة الخير أو الشر ذاتيتين في الفعل ندركهما بالعقل.

ـ ويلح كانط على أن قيمة الفعل الأخلاقي تكمن في كونه خالصا من كل غاية نفعية أو مادية إذ يقول :”إن الفعل الخلقي الذي يتسم بالخيرية فعل نقي خالص و كأنما هبط من السماء ذاتها.”لأن الفعل لا يمثل الخير إلا إذا امتثلنا لما تمليه الإرادة الخيرة لأنها الدعامة الأساسية لأنها تستند إلى العقل”قانون عقلي” الذي يعمل على إملاء الواجبات”أوامر القانون الأخلاقي” دون البحث عن اللذائذ والغايات و المنافع .

ـ يرى كانط أن العقل يصدر جملة أوامر للإرادة: وهذه الأوامر تتخذ شكلين، أوامر شرطية و أوامر قطعية:

أ/-أوامر شرطية:

هي تلك المرتبطة بغايات و نتائج، مثال:”إذا أردت أن تنال ثقة الآخرين فكن أمينا.”فهذا الفعل غير مطابق للواجب الأخلاقي لأنه مرتبط بغاية.

ب/-أوامر قطعية:

هي غير مشروطة، و إنما يفعلها الإنسان لأنها أفعال خيرة في حد ذاتها،مثال:”قل الصدق-صن الأمانة-كن متواضعا…)فهذه الأفعال

مطابقة للواجب الأخلاقي، فهو فعل مطلق، بينما الأفعال المرتبة بغايات هي غير أخلاقية…يقول كانط: :”إن الذي يمتنع عن السرقة لأن واجبه يقضي عليه بالإمتناع و لأن عقله يبين له قبح السرقة هذا وحده الذي يتصرف طبق الواجب الأخلاقي.”
ويقول في مقام آخر:” لو كان في قتل طفل إسعاد البشرية جمعاء فهذا الفعل غير أخلاقي.”

و سمات الواجب الذي ناد به كانط تتحدد وفق ثلاث قواعد متكاملة لا يمكن الفصل بينها و هي:

01 ـ افعل كما لو كان على مسلمة فعلك أن ترتفع إلى قانون طبيعي عام.

02 ـ افعل الفعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك و في شخص كل إنسان سواك بوصفها دائما غاية في ذاتها، و لا تعاملها أبدا كما لو كانت مجرد وسيلة.

03 ـ افعل بحيث تكون إرادتك باعتبارك كائنا عاقلا ،هي بمثابة تشريع عام.

ـ و منه يمكن تحديد معنى الواجب عند كانط فهو القيام بالفعل احتراما للقانون الأخلاقي وحده يقول كانط”إن الفعل الذي يتم بمقتضى الواجب إنما يستمد قيمته الخلقية من الإرادة لوحدها”

ـ و من هنا كانت الأخلاق الكانطية أخلاق سامية و معبرة هن إرادة الإنسان الحرة و النازعة نحو الخير في ذاته بعيدا عن كل سلطة إلا سلطة الضمير الأخلاقي.

مناقشة:

ـ إن الأخلاق الكانطية بعيدة عن الواقع مجردة ،كما أنها تقصي العواطف و الميول مع أن الواقع يقر في الكثير من الأحيان أن السلوك النابع من الوجدان قد يكون أنبل و أسمى من ذلك الذي ينبعث من العقل.

ـ و نوعية البشر الذي يتوجه إليهم الحطاب الكانطي من نوع خاص لأن ما يعرف عن الإنسان حبه للأنانية و المصلحة الشخصية،لهذا يعاب على أخلاق كانط أنها مثالية بعيدة عن الواقع.

خلاصة:

ـ و عليه نستنتج بأن الأخلاق واحدة عند أنصار النظرية الدينية و الاتجاه العقلي،و هذا يدل على أن القيم الأخلاقية عامة و سامية كلية و مطلقة و ثابتة في مبادئها تؤسس لأخلاق عالمية ،لكن الواقع يؤكد تهدد القيم الأخلاقية و تنوع معاييرها من ثقافة لأخرى.

II/- ألا يمكن الاعتقاد بأن الأخلاق متعددة بتعدد مشاربها ومتغيرة بتغير المكان والزمان ؟

تمهيد:

ـ إن الحديث عن تعدد القيم و تغيرها ،معناه الحديث عن نسبية القيم الأخلاقية أي أنها ليست قيما ثابتة و مطلقة،بل قيم تتغير و تتبدل تبعا لتغير الظروف عبر الزمان و المكان ،و كذلك اختلاف الثقافات و المجتمعات ،و كذا اختلاف أحكام الناس و معاييرهم.

ـ و عليه:
ألا يمكن الاعتقاد بأن الأخلاق متعددة بتعدد مشاربها ومتغيرة بتغير المكان والزمان؟

أولا:نسبية القيم في تنوع المجتمعات:

ـ المعروف عن الإنسان أنه لا يعيش لذاته و لا في عزلة عن غيره لأنه يؤثر و يتأثر بالآخرين ،فهو كائن اجتماعي أو الأكثر قابلية للاجتماع ،مما يجعل من التعايش الاجتماعي اكبر تعبير عن ماهية الإنسان ،و منه للمجتمع دور أساسي و مصدر جوهري في تكوين شخصية الفرد خاصة الأخلاقية منها يقول دور كايم “إذا جردنا الإنسان مما اكتسبه من المجتمع فإنه يهبط إلى مصاف الحيوان”،و هذا يعني أن القيم الأخلاقية وقائع اجتماعية مصدرها المجتمع الذي يصوغها على شكل قوانين وواجبات و يفرضها على أفراده.

ـ و هذا ما أكد عليه علماء الاجتماع و على رأسهم دور كايم فأخلاق الفرد تبدأ من حيث التعلق بالجماعة ،و الفرد يجدها جاهزة و يكتسبها عن طريق التربية يقول دور كايم “حينما يتكلم الضمير فينا فالمجتمع هو الذي يتكلم”فالضمير الفردي صدى للضمير الاجتماعي:في قوله أيضا”إن المجتمع ليس سلطة أخلاقية فحسب،بل هو النموذج والمصدر لكل سلطة أخلاقية،ولا بد أن تكون أخلاق الفرد هي نفسها التي يطلبها المجتمع.”ويقول أيضا:”إذا استنكر أحدنا الفاحشة فلأن المجتمع هو الذي يستنكرها.”،و في قوله”ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس هي المجتمع” .

ـ و يلزم من هذا أنه لاتوجد أخلاق واحدة و مطلقة، بل كما يقول محمد علي الكبيسي:”لكل شعب في مرحلة معينة من تاريخه نجد أخلاقا، و بهذه الأخلاق المهيمنة تمارس المحاكم عقوباتها و يمارس الرأي حكمه،فكل مجموعة معينة،أخلاقا خاصة “

ـ و إلى نفس الرأي يذهب ليفي برول حيث يعتبر الأخلاق ظاهرة اجتماعية لها قوانينها و لهذا اختلفت من مجتمع إلى آخر فلا توجد أخلاق بل عادات اجتماعية.

و نفس الرأي نجده عند إمانويل موني في قوله”إن قوانين الضمير تنشأ من العرف”

ـ و عليه كانت القيم التي نؤمن بها هي القيم التي يمنحها لنا مجتمعنا و لا نؤمن بالقيم التي يمنحها مجتمع آخر لأفراده فقيم الإنسان هي قيم مجتمعه و ما يغرسه فيه من مبادئ لذلك تختلف الأخلاق باختلاف المجتمعات و هذا ما يبرز نسبيتها.

مناقشة:

فعلا للمجتمع دور بالغ الأهمية في التأثير على أفراده و لكن هذا لا يدفعنا إلى التسليم بسلبية الفرد و عدم قدرته على خلق القيم فالتاريخ يشهد على أن الكثير من القيم الاجتماعية كان مصدرها أفراد استطاعوا تغيير مجتمعاتهم كما أن هذه الأخلاق مغلقة لا تخرج هن إطار المجتمع الواحد على حد تعبير برغسون.

في حين نجد الأخلاق المفتوحة و هي ليست وليدة الإكراه و يجسدها المصلحون و رجال الدين و العلماء الذين يصنعون الضمير على أساس الوعي الأخلاقي لا التقليد و هي تتعدى المجتمعات .

ـ كما أنهم نظروا لها على أنها وسائل لا غايات و هذا تعارض مع جوهر الأخلاق،كما أنه لو كان مصدرها المجتمع لماذا نجد الاختلاف في المجتمع الواحد.

ثانيا:السعادة في اللذة والخير في تعدد المنافع:

مذهب اللذة “السعادة في اللذة”:

ـ إن الاتجاهات النفعية تؤسس للفعل الخلقي من باب إرضاء الطبيعة البشرية (الإنسان بطبيعته يرغب في اللذة و يتجنب الألم)من منطلق أن اللذة و الألم هما من تتحدد وفقهما القيمة الأخلاقية، فكل ما هو خير فيه لذة للذات،و كل ما هو شر فيه ألم للذات.

ـ حيث يذهب أصحاب هذه الأخلاق للتأكيد بان السعادة هي غاية الغايات”الغاية القصوى” للإنسان و لا تتحقق إلا بتحصيل اللذات و الابتعاد عن الألم و من هنا كانت اللذة هي الخير الأوحد و الغاية القصوى للحياة و الفضيلة “عليه إشباعها لا تعديل مجراها أو إبطال مفعولها” و الألم هو الشر و الرذيلة.

ـ و تتفق كل النظريات الكلاسيكية على اعتبارها الغاية الأخلاقية المنشودة

من وراء الأفعال الأخلاقية،فقد كان الفكر اليوناني في بدايته أول من بجث في القيمة الخلقية من منطلق اللذة :

– فقد ذهب
أرستيب القورينائي:إلى اعتبار اللذة هي الصوت الطبيعة فلم الخجل و الحياء؟و أن الغرائز هي المحرك الأساسي للأفعال الإنسانية،و اللذة عنده مادية حسية تقتصر على اللذات الجسمية.

ـ و قد وضع السفسطائيون مبدأ عام للحقيقة هو الفرد و عليه الخير ما يحقق منفعة و لذة للفرد،و الشر ما يحول دون ذلك.

ـ أما اللذة المعدلة التي تمثل طبيعة القيمة الأخلاقية نجدها مع أبيقور فهو المؤسس التقليدي للأخلاق اللذة في الفلسفة القديمة ،فقد اتفق مع أرستيب من حيث المبدأ “أن الناس يهربون من الألم و يقبلون إلى اللذة تحت دافع الغريزة في مقابل الروية و الفكر” ،في قوله “إن السعادة أو اللذة هي غاية الإنسان و لا خير في الحياة إلا اللذة،و لا شر إلا الألم،و ليست الأخلاق إلا العمل لتحصيل السعادة،و ليس للفضيلة قيمة ذاتية إنما قيمتها في اللذة التي تصاحبها”

ـ و يؤكد أبيقور أن اللذات العقلية و الروحية أهم من اللذات البدنية و أن خير لذة طمأنينة العقل و راحة النفس و الابتعاد عما يسبب القلق و الألم.

يقول:”إن خير اللذائذ هدوء البال وطمأنينة النفس،وسعادة الإنسان تعتمد على حالته النفسية أكثر مما تعتمد على الظروف الخارجية،فليس المال الكثير والجاه الكثير من يعين على السعادة،بل صفات الإنسان العقلية .”

و الميزان الذي يتم بموجبه تعديل اللذات ذكره في تعاليم أبيقور الشهيرة(الكتاب المدرسي ص 139)

مناقشة:

صحيح أن اللذة خير من الخيرات لكن إذا كانت مشروعة(عندما يحقق الفرد لذة دو أن يلحق ضرر بالآخرين )كما أن جعل اللذة غاية قصوى لأفعالنا مرفوض لأنه يحط من قيمة الأخلاق و سموها.

و الأخذ بمبدأ اللذة يعبر عن تصور أناني و شخصي للقيم الأخلاقية و هذا يؤدي على اختلاف الناس في أحكامهم،و إهمال للمصالح الاجتماعية.

02 ـ مذهب المنفعة”أخلاق المنفعة”:

ـ يعارض بعض الفلاسفة النظرة الضيقة للمبدأ الذي حاول وضع القيمة الخلقية على أساس اللذة،بالقول بمبدأ شبيه هو المنفعة بوصفه مبدأ يحقق المصلحة الجماعية و لا يقتصر على المصلحة الفردية بوصفه يقيم مفهوما للخير على أسس تجريبية علمية و هذا تحت تأثير التطور العلمي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي ميز العصور الحديثة.

ـ و قد أسس هذا المبدأ الأخلاقي الفيلسوف الانجليزي “جيرمي بنتام”و جوهره يقول أنه يجب تحقيق أكبر نسبة من السعادة لأكبر عدد ممكن من الناس أي أن خير الفرد مرتبط بخير الجماعة و هو أساس الأخلاق و معيارها،أي تحقيق أقصى ما يمكن من المنافع و السعادة و اللذات و هذا يقلل من عدد الأفراد الذين يشعرون بالألم و يحقق المصلحة الجماعية و عليه ما يحقق نفعا فهو خير،و ما لا يحقق ذلك فهو شر.

ـ و لهذا وضع بنتام مقياسا لحساب اللذات و هذا المقياس ينطبق على الأفراد كما ينطبق على الأمم أي التقدير الكمي للخير للموازنة بينه و بين الألم.

ـ و إلى نفس الرأي يذهب جون ستوارت مل في قوله”ليست المنفعة سوى المبدأ الأخلاقي الذي يفضي إلى تحقيق أكبر سعادة ممكنة ،فالخير ما هو نافع ،و ما هو نافع لنا إنما هو الذي يكون في الوقت نفسه نافعا لغيرنا” ، الخير قوامه المنفعة،والشر يرتد إلى عدم القدرة على تحقيق المنافع،إذ يقول:”إن قاعدة السلوك الأخلاقي هي بالضرورة أن نفعل من أجل الآخرين ما نحب أن يفعلوه من أجلنا.”ويرى جون ستوارت مل إلى طالب المنفعة الروحية حيث يقول:”من الأفضل أن يعيش الإنسان نقيا على أن يعيش خنزيرا راضيا.”و عليه أساس القيم الأخلاقية عند هذا الاتجاه هي تحقيق السعادة لأكبر قدر من الناس.

مناقشة:

ـ إن الواقع يثبت تضارب المنافع و تصادمها بين الأفراد و هذا ما يؤدي إلى الصراع و الألم و الشر كما أن ربط القيم بالمنافع يجعل من الأخلاق مجر قيم تجارية متقلبة مع المنافع و المصالح و هذا لا ينسجم و سمو الأخلاق.

موقف سارتر:

ـ يفرق الفيلسوف الفرنسي سارتر (Jean Paul Sartre ) بين نوعين من الوجود: “الوجود في ذاته”، أي وجود الأشياء، يختلف عن الوجود لذاته أي وجود الإنسان، وهذا الأخير وجوده سابق على ماهيته. فهو يولد أولا، ثم يكون ما هو عليه إذن فهو حر حرية كاملة، تسمح له بخلق القيم، وبصنع الخير والشر، وهذا يفسر اختلافها باختلاف الذوات. يقول في هذا السياق: “ليس لي ولا استطيع أن ألجأ إلى أية قيمة ضد هذه الواقعة، وهي أنني أنا الذي أؤمن الوجود للقيم و أنا الذي أقرر دون تبرير و اعتذار” .

خلاصة:

ـ هذا الاتجاه بقديمه و حديثه ،حينما جعل من اللذة و المنفعة “الانفعالات المتغيرة”غاية للأفعال الإنسانية و مقياس لخيرها ،إنما جعل الأخلاق متغيرة نسبية شأنها في ذلك شأن الأخلاق الاجتماعية،وعليه فهذه الاتجاهات و ما تدافع عليه من معايير أخلاقية متعددة تؤدي بالضرورة إلى تعدد القيم الأخلاقية و هذا ما يجعل من الصعب الاتفاق حولها.

الموضوع : الأخلاق بين الثوابت و المتغيرات:

III/-لكن أليس من الموضوعية اعتبار الأخلاق ثابتة في مبادئها ومتغير في تطبيقاتها في آن واحد؟

تمهيد:

لقد اختلفت الآراء و تعددت في فلسفة الأخلاق حول معايير القيم الأخلاقية بين ما هو ثابت مطلق و بين ما هو متغير نسبي،و كل منظومة تزعم لنفسها الصواب و هنا نجد أنفسها أمام مأزق القيم الأخلاقية،

فكيف السبيل لجل هذا التعارض و هل من توفيق بين الثوابت و المتغيرات؟

عرض وضعية مشكلة:

فاطمة تلميذة تدرس في الستة الثالثة آداب وفلسفة،لها من الأخلاق الحسنة والصفات الفاضلة ما جعلها محل احترام من قبل أساتذتها،وأخلاقها هذه كانت مستمدة من مبادئ ثابتة (الدين والعقل)) والصفة الخلقية التي كانت تميزها هي الصدق،لكن حدث يوما أن كانت صديقتيها أحلام و وفاء متخاصمتين،وساءها كثيرا هذا الخصام،فاتخذت قرارا أن تصلح بينهما،فذهبت عند أحلام وقالت:إن وفاء تكن لكي الكثير من الاحترام والتقدير،ثم ذهبت عند وفاء وقالت إن أحلام نادمة جدا على ما جرى،وهي تتمنى لكي كل الخير،فوجدت فاطمة نفسها أنها اضطرت إلى الكذب من أجل إصلاح ذات البين،والكذب كما نعرف صفة تتنافى مع الدين والعقل.

التعليق عليها:

أخلاق فاطمة مبادئ ثابتة مصدرها الدين والعقل،لكن ما فعلته نسبي إذ أخضعت سلوكها لما يعارض مبادئها،لكن في نفس الوقت حققت هدفا نبيلا لا يتعارض مع الدين والعقل.

هذا يقودنا إلى القول أن الأخلاق ثابتة في مبادئها متغيرة في تطبيقاتها.

متغيرات الأخلاق ضمن ثوابتها:

ـ الأخلاق انطلاقا من أنها ثابتة في مبادئها و أهدافها لا تتغير بتغير الزمان و المكان فهي تعطي صورة موحدة لبناء أخلاقي عالمي كالصدق مثلا،لكنها متغيرة و نسبية في تطبيقاتها ووسائلها التي تسعى بها لتحقيق هذه المبادئ المطلقة بتغير الظروف و الأحوال.

ـ الخير ثابت ومطلق لا يتأثر ويتغير بمعطيات المكان والزمان،لكن وسيلة تحقيقه تتغير بتغير الظروف،وهنا لا يتحول الخير إلى شر،ولا الشر إلى خير،والخير هو تلك المصلحة المعتبرة شرعا وعقلا موجهة إلى الفرد والمجتمع.

ختاما يمكن القول أن الأخلاق مشاربها ومنابعها متعددة،فهي مستمدة من الدين كقوة إلزامية تفرض نفسها علينا،وهي تستند على العقل كملكة فطرية تميز بين الخير والشر،وكملكة نفهم بواسطتها الإلزام الأخلاقي الديني،وقد ترتبط بمصلحة الفرد ونستحسنها ما لم يكن في ذلك إضرار بمصلحة الجماعة التي تعتبر سلطة أخلاقية نؤمن بها ونقتدي ما لم تتعارض مع الطبيعة الخيرة للإنسان..فالأخلاق إذن تتأرجح بين الثوابت و المتغيرات،بين المطلق والنسبي فالمبادئ ثابتة ومطلقة،وسبل تطبيقها تتأثر بمعطيات المكان و الزمان.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *