مقالة اللغة والفكر : بالطريقة الجدلية و بطريقة الاستقصاء
الأسئلة المحتملة:
- هل اللغة والفكر منفصلان ام متصلان ؟
- هل يمكن الفصل بين اللغة والفكر ؟
- هل الفكر اسبق من اللغة ؟
- هل اللغة قادرة على احتواء الفكر ؟
- “الالفاظ حصون المعاني” – دافع عن صحة هذه الاطروحة
- “الالفاظ قبور المعاني” -دافع عن صحة هذه الاطروحة
نقدم لك مقالة اللغة والفكر بالاستقصاء ، وتجد اسفلها المقالة بطريقة الجدل .
السؤال : يقول موريس ميرلوبونتي : ” ان الفكر لا يوجد خارج الكلمات ” -دافع عن صحة هذه الاطروحة .
مهم جدا: لا بد من ضبط بعض المفاهيم التي ترد بكثرة في مقالة اللغة والفكر , ولذلك ستجد تلك الكلمات مكتوبة هنا بخط مختلف وبلون مميز, فاذا اردت ايها القارئ الكريم ان تبحث عن مفهومها المعجمي، فما عليك الا الضغط على تلك الكلمة وستوجهك الى مصادر موثوقة تجد فيها كل تعاريف الفلاسفة واللغويين. قراءة مفيدة ان شاء الله, لنبدا على بركة الله.
طرح المشكلة ( المقدمة )
التفكير خاصية جوهرية يتميز بها الانسان، ونحن نعبر عن افكارنا باستخدام اللغة . لهذا يعرف الجرجاني اللغة بانها “نسق من الرموز و الاشارات التي يستخدمها كل قوم للتعبير عن اغراضهم” . وقد ساد الاعتقاد عند الكثيرين بان اللغة منفصلة عن الفكر ، و صار هذا الراي شائعا ومسلما به الى حد ما.
لكن الواقع والاصح عندنا هو ان اللغة والفكر متصلان، ولا يمكن للفكر ان يوجد خارج الكلمات . فما ادلتنا في ذلك، وكيف نثبت صحة هذه الاطروحة ؟
محاولة حل المشكلة ( العرض )
عرض منطق الاطروحة
لا يمكن للفكر ان يوجد خارج الكلمات، ولا يمكن الفصل بين اللغة والفكر باي حال من الاحوال. فالعلاقة بينهما هي علاقة اتصال تام ، اذ ان وجود احدهما يعني بالضرورة وجود الاخر ، وغياب احدهما يعني غياب الاخر.
يتبنى هذا الرأي عدة فلاسفة وعلماء نذكر منهم ميرلوبونتي ، جون بياجي و هيجل .
ان تبرير الطرح القائل باحادية اللغة و الفكر يستند الى عدة أدلة و حجج، اولها يتمثل فيما أثبته علم النفس الطفل، بحيث اكدت الدراسات بان الطفل يكتسب الفكر بالموازاة مع اكتسابه للكلمات ، وكلما زاد رصيده اللغوي زاد معه الرصيد الفكري .
و في المقابل، هو لا يستطيع ان يفهم ما يطلب منه مثلا، او ما يؤمر به او ينهى عنه، حتى يكتسب الكلمة التي تشير اليه و يصبح قادرا على تذكرها ولو لم يستطع ان ينطق بها . لانه يكتسب الفكرة باكتساب الكلمة التي تشير اليها .
ولا يتوقف الامر عند هذا الحد، بل ان الشخص البالغ اذا راودته فكرة نجده يسارع الى كتابتها ، فهو بذلك يصب افكاره في قوالب لغوية ليحفظها من الزوال، وابلغ مثال عن ذلك هو الشعر و الخاطرة . وهذا فيه دلالة واضحة على ارتباط اللغة بالفكر .
اضافة الى ذلك، فانه من غير المنطقي ان تحاول التفكير خارج حدود اللغة !! وهو ضرب من الخيال ان تطلب من احد ما ان يفكر مثلا في شيء ليست له كلمة تصفه او تشير اليه بالتحديد .
و هذا الدليل يشير الى شيء مهم جدا في العلاقة بين اللغة و الفكر، وهو ان اللغة تؤدي دور الوسيط بين الفكرة ووجود الفكرة، والمعنى من ذلك ان الفكرة لا تكون موجودة الا اذا عبرنا عنها بلغة، و اذا لم نستطع التعبير عنها فذلك لانها ليست موجودة اصلا . لهذا يقول ميرلوبونتي ” العبارة وجود خارجي للفكرة “.
وما يدعم صحة هذه الاطروحة ايضا من منظورنا الشخصي، هو ان الشخص الذي يتقن لغات متعددة تجد تفكيره اكثر خصوبة واتساعا ، فهو ياخذ من افكار الغير باكتساب لغاتهم فيكتسب معها ما تعبر عنه من افكار.
اذن، نفهم من هذا ان الانسان كلما اتسع رصيده اللغوي زاد نضجه الفكري اكثر ، وهو ما يؤكد التلازم المتين بين اللغة و الفكر .
شاهد ايضا : مقالة الحرية اضافة الى مخطط وملخص كامل
عرض اطروحة الخصوم و نقدها
من جهة اخرى، يعتقد خصوم أطروحتنا بان العلاقة بين اللغة و الفكر هي علاقة انفصال ، اذ يتبنى هذا الراي عدة فلاسفة ومفكرين وعلى راسهم برغسون و فاليري.
ومن بين الحجج والأدلة التي يعتمدها هؤلاء لتبرير موقفهم، محاولة التمييز بين خصائص اللغة و خصائص الفكر .
فهم يركزون على ان اللغة مادية والفكر مجرد، وبان اللغة منفصلة ومتقطعة بينما الفكر وحدة واحدة تميزها الديمومة و الاتصال .
اضافة الى ذلك، تعجز اللغة احيانا عن استيعاب جوانب عديدة في الانسان، وابرزها الجانب الوجداني و العاطفي، حيث لا يستطيع شخص ما ان يعبر عن مشاعره كما هي ، او ربما يعبر عنها بطريقة غير واضحة ويقول القولة المشهورة ” يعجز اللسان عن التعبير ” !!
ثم يقدمون دليلا اخر يتمثل في عدم انسجام القدرة على الفهم مع القدرة على التبليغ ، ويربطون ذلك بتعدد وسائل التعبير وتاثيرها الذي يتجاوز تاثير الكلمات في توصيل المعنى و الشعور، مثل الموسيقى و الفن عموما .
النقد ( الرد على الخصوم وابطال اطروحتهم )
لكي نرد على اصحاب هذا الراي ، لا بد ان نشير اولا الى ان عجز الانسان عن التعبير ليس امرا جديدا ، ولكن تفسيره بتلك الطريقة التي تؤدي الى القول بان اللغة و الفكر منفصلان هو امر خاطئ .
ان عجزنا عن التعبير عن افكارنا ليس راجعا الى عجز اللغة او قصور فيها ، بل هو راجع الى ضعف رصيدنا اللغوي و عدم قدرتنا على الاسترسال في الكلام بطلاقة، وقد يكون الامر متعلقا احيانا بتأثير المحيط و المشاعر التي نمر بها والحالة النفسية التي نعايشها .
وهنا يمكن ان نضرب مثالا واقعيا لتوضيح المعنى: قد نجد شخصا ماهرا في فنون التعبير، ومتمكن في مجاله اذا تكلم امام اصدقائه ، لكنه اذا واجه شخصا غريبا بدا بالتلعثم في الكلام !! هل هذا يعني ان اللغة التي كانت تحمل افكاره امام اصدقائه اصبحت فجاة عاجزة امام الغرباء ؟
لماذا حين يواجه شخص ما الكاميرا وهو غير متعود عليها يصبح وكانه لا يتقن الكلام اصلا او لا يعرف الموضوع الذي يتكلم عنه حتى ولو كنا نعرف بانه صاحب فكر متميز !! هل هذا يعني ان لغته عاجزة عن حمل افكاره ؟! قطعا لا .
ان ابطال هذه الحجة لوحده كفيل بإبطال باقي الحجج و الادلة المستنتجة منها .
اما بالنسبة الى تنوع وسائل التعبير مثل الموسيقى والرسم، فانها لم تات لتعويض اللغة في مجال التعبير عن الفكر، وانما هي تعمل على تهييج المشاعر نحو اتجاه محدد وفقط، فالموسيقى او الرقص او غيرها من الفنون لم تستطع يوما ان تعبر عن فكرة مثلما تعبر عنها اللغة . فهل نستطيع مثلا ان ندرس المنطق او الفيزياء بالموسيقى او الرقص !!
واذا قلت بان هناك عدم انسجام بين القدرة على الفهم و القدرة على التبليغ ، فانت تنقض قولك بنفسك. لانه لا يمكن لاي شخص كان ان يفهم فكرة ما اذا لم يتم تبليغها له بطريقة مناسبة وبلغة يفهمها .
وبالتالي فاذا فهمها فسيستطيع تبليغها من جديد باستخدام نفس اللغة ونفس الكلمات ، واذا لم يستطع ذلك فهو لم يستوعبها اصلا منذ البداية .
بمعنى ان من لا يستطيع تبليغ الفكرة التي عنده ، فهو في الاصل لا يفهم ما يريد تبليغه .
ثم ان الفصل بين اللغة و الفكر من باب التمييز بين خصائص اللغة وخصائص الفكر، هو بمثابة الفصل بين روح الانسان وجسده لمجرد ان خصائصهما مختلفة !! فاختلاف الخصائص بين اللغة و الفكر لا يعني بكل الاحوال بان وجود احدهما منفصلا عن الاخر وارد او ممكن الحدوث . فاللغة هي وعاء الفكر ، و الفكر هو لبنة البناء اللغوي .
شاهد ايضا : مقالة الرياضيات
حل المشكلة ( خاتمة )
اخيرا؛ وبناء على ما ذكرناه انفا ، نستنتج بان اللغة والفكر متصلان، وهما وجهان لعملة واحدة. و الاطروحة القائلة “ان الفكر لا يوجد خارج الكلمات” هي أطروحة صحيحة وصائبة في سياقها، وقد قدمنا أدلة كافية تثبت ذلك وتلزم الخصوم باعادة النظر في موقفهم تجاه فكرتنا، والتي نعتبر ان الدفاع عنها مشروع ومؤسس، وتبنيها لازم .
كانت هذه مقالة اللغة والفكر استقصاء , شاهد ايضا المخطط بطريقة الجدل و ملخص الدرس بالكامل اسفل هذه المقالة .
بهذه الطريقة سيكون من السهل عليك فهم واستيعاب الموضوع جيدا، حتى تتمكن من انجاز مقالاتك بنفسك وبطريقتك الخاصة .
مقالة اللغة و الفكر بالطريقة الجدلية
ملاحظة مهمة : هذا مخطط سهل وواضح، وهو ما ينبغي ان يتم الاهتمام به، اما المقالة المفصلة فهي تعلمك كيف تستطيع ان تبني مقالا كاملا وتتوسع في شرح افكارك . فيمكنك استيعاب ما جاء في المخطط وتوظيفه بطريقتك الخاصة , وفي التوسع تستعين ببعض العبارات والافكار الموجودة في المقالة المفصلة.
مخطط كامل لدرس اللغة والفكر