مقالة الشعور واللاشعور شعبة آداب وفلسفة , جدلية و استقصاء , اضافة الى ملخص الدرس ومخطط كامل. كل ما تحتاجه تجده هنا.
الاسئلة المحتملة :
ما أساس الحياة النفسية الشعور أم اللاشعور ؟
هل الحياة النفسية كلها شعورية؟
هل أساس الحياة النفسية قائم على الشعور أم اللاشعور ؟
هل الشعور وحده كاف لاحتواء كل افعال النفس واحوالها؟
هل كل ما هو نفسي شعوري؟
هل الشعور مطابق للنفس ؟
يمكنك ايضا مشاهدة كل مقالات الفلسفة من هنا
مقالة الشعور واللاشعور , جدلية
طرح المشكلة ( مقدمة )
اذا ما تحدثنا عن الفرق الجوهري الذي يميز الانسان عن سائر الكائنات ، فان ابسط واوضح واعم ما يتبادر الى اذهاننا هو الشعور ، الذي يعرف بانه حدس الذات لاحوالها وافعالها مباشرة ودون واسطة ، الا ان التعمق اكثر في هته القضية يحيلنا الى امر اخر هو مدى ملازمة الشعور للنفس ، فقد اختلفت وجهات النظر في ذلك بين طرف يرى بان الشعور مطابق للنفس ، وطرف اخر يعارضهم ويصر على وجود جانب لاشعوري لا نعيه ، مما طرح اشكالا جدليا يمكن صياغته على النحو التالي :
-هل القول بملازمة الشعور للنفس يمنع من قبول اي دعوى بوجود جانب اخر لاشعوري ؟
محاولة حل المشكلة ( العرض )
الموقف الاول:
يذهب اتباع مدرسة علم النفس الكلايسيكي الى القول بمطابقة الشعور للنفس ، ويرون ان الشعور قوام الحياة النفسية بكل احوالها وافعالها ، ويعتبر كل من ديكارت وبرغسون من المؤيدين لهذا الطرح .
برر هؤلاء موقفهم بادلة وحجج عدة، لعل ابرزها تلك الحجة المستقاة من الكوجيتو الديكارتي ” انا افكر ، انا موجود” ، فارتبط عندهم وجود الذات بممارستها للتفكير والوعي به ، اذ يكفي ان يقوم الانسان بتحليل شعوره ليعرف حقيقة ما يدور في ذاته ، ولا يكون هذا الا بمطابقة الشعور للنفس والاحاطة بها ، فيصبح اذن الفكر دليل الوجود ، ومنه الشعور الوعي بالتفكير دليل الوجود ، وهذا ما عبر عنه ادموند هوسرل في قوله ” انا افكر في شيء ما ، فذاتي المفكرة اذن موجودة ” .
ان النفس البشرية لا ينقطع تفكيرها الا بانعدام وجودها ، والذات تعي عملية التفكير بالشعور ، فيكون الشعور اذن ملازما للنفس وجودا وعدما ، وهنا يمكن ان نقول ان خصائص الشعور مطابقة لخصائص النفس ، وذلك من ناحية الديمومة والاستمرار. لهذا اعتبر”ديكارت” الحياة النفسية حياة شعورية ، حيث ميز بين الجسم والروح ، واكد على ان نشاط الجسم نشاط بيولوجي غير واعي ، بينما نشاط النفس فينصب من التفكير الذي هو شعوري .
اضافة الى هذا، يذهب ابن سينا الى نفس الراي بدليل رائع وقوي ، حيث اعتبر الانسان السوي اذا ما تأمل في نفسه شعر ان ما تتضمنه من احوال في الحاضر هو امتداد لما كان عليه في الماضي .
وفي هذا اقرار بصفة الامتداد للشعور ، وهو امتداد زماني لامكاني حسب قول برغسون ، فانت تجد الانسان يمر بعدة مراحل في حياته ويعايش عدة تجارب ، ولكنه يبقى دائما مدركا لنفسه على انه هو ذاته رغم كل العوارض والتغيرات التي تطرأ عليه ، وهذا ماكن ليصير ممكنا الا بحضور الشعور الدائم ومطابقته للنفس واحتوائها ، فنعرف به ماضينا النفسي ونعي حاضرنا مادام الشعور بالذات لا يتوقف ابدا، وعلى هذا الاساس ظهر ما يسمى بعلم النفس الاستبطاني . فالشعور اذن شرط ضروري في كافة الفعاليات الذهنية على حد تعبير مين دوبيران .
اضافة الى ما سبق ذكره, ينبغي ان نشير الى امر مهم جدا في قضية الشعور وكونه الاساس الوحيد للحياة النفسية, وهو ان الشعور في الحقيقة لا يغيب وانما يخفي ذاته بذاته. فالشعور انتقائي, اي انه يختار ما يريد ان يعيه ويهمل ما لا يريده فيضعه في هامش الشعور او ماتحته, فهو بذلك اذن يعرف بوجود ذلك الموضوع حتى لو اهمله. وطبعا تتدخل قوة الارادة وحرية الاختيار للفرد. ومن هذا يمكن القول بان الشعور وحده كاف وكفيل باحتواء كل افعال النفس واحوالها بما في ذلك تلك التي يخفيها,
نقد ومناقشة
لا يمكن انكار ما طرحه علم النفس الكلاسيكي، ومبرراتهم مقبولة منطقيا، لكن هذا الموقف يفسر بعض الجوانب فقط ويعجز عن تفسير الكثير من الحالات الاخرى . فكيف نفسر قيامنا ببعض السلوكيات ومعايشتنا لبعض الاحوال في انفسنا لا نستطيع تفسيرها ولا معرفة اسبابها ؟
شاهد ايضا مقالة الاحساس والادراك من هنا
الموقف الثاني:
على النقيض مما سبق ، يرى انصار علم النفس الحديث ان الشعور وحده غير كاف لاحتواء النفس ، بل يجب الاعتراف بوجود جانب كبير من النفس يدخل في مجال اللاشعور بل ذهبوا الى حد القول انه هو الاساس الفعلي لكل ما يصدر عن النفس، ومن ابرز المؤيدين لهذا الطرح سيجموند فرويد ، شاركو وبرمنهايم.
ان الشعور يشهد الحالة النفسية لكنه لا يحدثها ، فاذا كنا نعي بعض النشاطات التي تصدر عنا فإننا نستغرب البعض الاخر لجهلنا بأسباب حدوثها او عدم شعورنا بها. ان بعض العلماء قد اثبتوا عن طريق بعض التجارب امكان حدوث نشاطات وافعال من الانسان دون ان يكون واعيا بها ، فلقد بينت اعمال بيارجاني وشاركو وجود بعض الاضطرابات الذهنية التي مردها اسباب لاشعورية .
ويُضاف الى هذا اعمال فرويد وملاحظاته التي تمثلت في قصةعن فتاة في الثالثة والعشرين “23” من عمرها كانت تعاني من اضطرابات في الحنجرة والحدقتين, وعند اخضاعها للتنويم المغناطيسي صرحت بما حدث لها عن مرض والدها وبمجرد ان استفاقت زالت عنها تلك الاعراض ، هذه الملاحظة فتحت المجال واسعا امام التحليل النفسي .
وقد تحدث فرويد عن عدة تمظهرات وتجليات يعايشها كل انسان ، وهي تتمثل في ” الاحلام ، فلتات اللسان ، زلات القلم …الخ ” التي يبدو من خلالها البعد اللاشعوري للسلوك ، ومن الامثلة التي يستشهد بها فرويد “افتتاح رئيس لمجلس نيابي الجلسة بقوله :” ايها السادة اعلن عن رفع الجلسة ..وبذلك يكون قد عبر لا شعوريا عن عدم ارتياحه اثناء الجلسة “.
ثم ان النسيان الذي يعتبر طبيعة في الانسان ، يعبر وبشدة عن وجود اللاشعور ، فالفرد حينما ينسى لا يشعر بنسيانه ، ولو كان يشعر به لما نسي شيئا ، بل لو حاولنا الشعور بالنسيان حين حدوثه لاصبح عملية عكسية بحيث يساعد اكثر على التذكر ، ويمكن لاي شخص ان يجرب هذا فعليا فيحاول مثلا ان يعمل على نسيان فكرة ما وسيجد نفسه يزيد من تثبيتها في ذاكرته الانية .
اضافة الى الكبت الذي يعتبر بدوره عملية تمرر بها رغبات النفس من الشعور الى اللاشعور ، اذ قسم فرويد الجهاز النفسي الى ثلاث مستويات هي ” الانا ” التي تمثل شخصية المرء , ” الانا الاعلى “الذي يمثل القيم والمبادئ، و” الهو ” الذي يمثل الغرائز والرغبات والعواطف .
فيعيش الانسان صراعا حادا بين الانا الاعلى والهو في تشكيل شخصيته ، وطبيعته يغلب عليها الجانب الشهواني وخاصة الغريزة الجنسية التي جعلها فرويد اساس كل فعل نفسي ، بحكم ميل الانسان الى التلذذ والاستمتاع بكل ما تطلبه نفسه ، ولكنه يصطدم بالقيم والمبادئ وقهر المجتمع فيعمل على صنع شخصية سوية والابتعاد عما يتعارض مع المجتمع من رغبات فيكبتها .
وبمرور الوقت تجد تلك المكبوتات طريها للخروج الى ساحة الشعور حين تغيب رقابة المتمثلة في الضمير ، او حين تصبح قوة الهو اكبر من قوة الانا الاعلى ، فكان هذا التقسيم اساسا لطريقة التداعي الحر في الطب العيادي في علم النفس الحديث ، وكانت لهذا الاخير نتائج طبية باهرة ، زادت من مصداقية نظرية اللاشعور وخلقت لها مشروعية كبيرة .
بناء على هذا, افترض علم النفس الحديث بان النفس مثل الجبل الجليدي الذي يظهر جزء صغير منه فقط فوق سطح الماء , وهو ما يمثله الجانب الشعوري من النفس, بينما الجزء الاكبر يقبع تحت السطح, وهو مايمثله الجانب اللاشعوري من النفس. ولهذا يوصف اللاشعور بانه ذلك الجانب العميق والخفي من الاحوال والافعال النفسية.
نقد ومناقشة
ماحققته نظرية اللاشعور مبهر حقا ، وقد فسرت فعلا جانبا كبيرا مما عجزت نظرية الشعور عن تفسيره ، لكن فرضية اللاشعور وبالرغم من انها تعتبر اكتشاف اقام ثورة في علم النفس الحديث ، واجهت رفضا من قبل بعض العلماء ، على اساس انها لا تملك الادلة القطعية على وجود الجهاز النفسي كما قدمته، كما ان طغيان فكرة الجنس عند فرويد فكرة سلبية ، حتى قيل ان سيكولوجية فرويد هي سيكولوجية الرجل العاطل عن العمل .
ثم ان تعميم اللاشعور تعميم غير مبرر , كما انه يضل فرضية لا يمكن التحقق منها وخاصة اذا علمنا ان اعمال فرويد شملت عينة من غير الاسوياء ولهذا تبقى مجرد فرض يقبل النفي والاثبات .
شاهد مقالة اللغة والفكر من هنا
التركيب
وعموما ورغم الانتقادات الموجهة الى التحليل النفسي ، يسلم علم النفس اليوم بان حياتنا النفسية تتقاسمها تفسيرات كثيرة ، منها الشعورية واللاشعورية ، ومنها العضوية السلوكية . فيكون بذلك الشعور واللاشعور جانبان متكاملان في تشكيل الية ذات كفاءة لمعرفة النفس معرفة سليمة ، مادامت شخصية الانسان تتحكم فيها وظائف عقلية وبيولوجية ونفسية .
وختاما نستنتج ان الحياة النفسية في جانب منها يحتويها الشعور وينظمها وهو امر واقع، في حين لا يمنعنا هذا من الاقرار بوجود جانب اخر يفلت منه الى اللاشعور، و حتى لو كانت فرضية اللاشعور غير مثبتة عند الكثيرين ، فهي تبقى التفسير الوحيد المتاح ، ووجب العمل عليها لتطويرها بما يتناسب مع جوهر الانسان والتحكم في قوانينها خدمة له مادامت البدائل غائبة ، او العمل على خلق بديل اكثر رجحانا وعلمية وملاءمة للمثل والقيم الانسانية .
كانت هذه مقالة الشعور واللاشعور جدلية , ستجد اسفلها مخطط مقالة الشعور واللاشعور بالاستقصاء و ايضا مخطط كامل للدرس , وهذا لكي تفهم جيدا كيف تنجز مقالة خاصة بك بكل سهولة.
مخطط مقالة الشعور واللاشعور استقصاء
درس الشعور واللاشعور ملخص:
مقالة الشعور واللاشعور من اوسع المقالات في الفلسفة, وانصحك ايها القارئ الكريم ان تهتم بمخططات وملخصات هذا الدرس وان تبتعد عن الحفظ.
موضوع جد مهم شكرا جزيلا
روووووعة ربي يحفظلك الوالدة
بارك الله فيكم 🤲🏿
شكراااا